في نهاية عام 2019 بدأنا نشعر بالفعل أن وجود مجتمع دولي يتعامل بالمدفوعات الغير نقدية أصبح لا بديل له. ومع انتقال معظم الدول في جميع أرجاء العالم إلى استخدام خيارات الدفع بضغطة زر والدفع بالهاتف الجوّال والدفع الإلكتروني، فإن استغناء العالم عن الدفع النقدي بالكامل أصبح أمراً لم يعد يبدو مستحيلاً           

واليوم وفي عام 2020، فإننا نرى كل يوم أمام أعيننا تغيّرات كبرى تجعلنا ندرك أن هذا الواقع أصبح أقرب وأقرب. ونشهد في وقتنا الحاضر المزيد من الاندفاع نحو ثقافة المدفوعات الغير نقدية، حيث تقدّم الآلاف من الشركات طرق دفع غير نقدية جديدة والبعض من هذه الشركات ترفض المدفوعات النقدية بسبب الاحتياطات الصحيّة الحالية.

الاتجاه للعملات الرقمية

لقد رأينا بالفعل أن هناك عدد من أكثر دول العالم تقدّماً بدأت في تطبيق هذا التغيير بجديّة وأن البنوك المركزية في أنحاء العالم تناقش تطبيق العملات الرقمية على أرض الواقع خلال الخمسة أعوام القادمة. لكن القرار بسواء استبدال هذه العملات الرقمية للنقود الماديّة أو أنها ستكون مكمّلة لها ما يزال غير مُحدّد، ولكن من الواضح أن الحكومات تستجيب لهذا الاتجاه الدولي الكبير.

في الأسابيع الأخيرة وفي الولايات المتحدة بالتحديد تم مناقشة حقيقة تحويل عملة الدولار إلى عملة رقمية لمنع انتشار الأمراض المُعدية من خلال التعامل بالعملات الورقية والمعدنية. جاءت هذه المناقشة بعد قيام الصين “بالتطهير الدقيق” لمعظم مخزونها من النقود الماديّة ولذلك للحد من انتشار الفيروس بين الشعب.

وفي الوقت نفسه تقوم الحكومات في دول الإمارات وكوريا الجنوبية وكندا وسنغافورة والاتحاد الأوروبي باستكشاف طرق جديدة لتقديم العملات الرقمية لمواطنيها.

ما المتاح للشركات القيام به؟

تقوم الشركات في العديد من القطاعات بتقديم خيارات الدفع الغير نقدية منذ العديد من السنوات الآن، ولكن لم تأخذ أيضاً العديد من الشركات هذا الاتجاه حتّى الآن. في العديد من المجالات والتي يتم فيها تداول كميّات كبيرة من الأموال مثل مجال التجارة بالتجزئة والضيافة والخدمة الذاتية وإصدار التذاكر، فإن هناك اتجاه قوي لتكييف خدمات الشركات العاملة في هذه المجالات لتلائم عادات العملاء المتغيّرة.

تمتلك العديد من الشركات الكبرى بالفعل منصات قويّة لخيارات الدفع الرقمية والدفع أونلاين، بحيث يمكن لهذه المنصات أن تتحمّل الأحجام الكبيرة من المدفوعات الغير رقمية. لكن بالنسبة للشركات الصغيرة، فإنها ستحتاج إلى تكييف أنظمتها للاستمرار في البقاء.

وبينما يتزايد تجنّب المستهلكين في جميع أنحاء العالم للتعامل بالنقود الماديّة، فإن الشركات التي يمكنها تقديم خدماتها بفاعلية بدون حاجة موظفيها للتعامل مع النقود الورقية أو المعدنية ستستفيد من ذلك مقارنة بالشركات التي لا يمكنها القيام بذلك.

الأثر طويل المدى للمجتمع الغير نقدي

إن مزايا التخلّي عن التعامل النقدي تشمل إتمام عمليات الدفع بسرعة وسهولة وتجعلك تحمل نقود ماديّة أقل في حقيبتِكِ أو محفظتك. مع المدفوعات بالهاتف الجوّال، يمكن للأفراد حمل وزن أقل في جيوبهم عن طريق دفع قيمة مشترياتهم بالهاتف عن طريق واحدة من أشهر المحافظ الإلكترونية وطرق الدفع بالهاتف الجوّال. كل هذه المزايا وغيرها ساهمت في الانتقال التدريجي نحو أنظمة الدفع الرقمية وبالأخص بين فئة الشباب في المناطق الحضرية.

ويعتقد بعض الخبراء أن الانتقال الكامل لثقافة الدفع الغير النقدية سيسبّب مشكلة لشريحة المجتمع التي تعتمد على النقود الماديّة كثيراً مثل كبار السن، وبالرغم من ذلك تقوم الحكومات في جميع أنحاء العالم ومنها حكومات الشرق الأوسط بتقديم وتسهيل تطبيق بدائل النقود المادية. حيث تم إطلاق خيارات الدفع مثل بطاقات مدى في المملكة العربية السعودية بطاقات ميزة في مصر للانتقال نحو الشمول المالي للاستفادة على المدى الطويل من المدفوعات الرقمية مثل الحد من التعاملات في الأسواق السوداء وبالتالي انخفاض الجرائم المالية.

اتجاه عادات العملاء في المستقبل

قد تعاني النقود الماديّة اليوم من اضطراب قصير المدى، ولكن يشير الطلب العام للمستهلكين إلى أننا نتجه بثبات نحو التخلّي الدائم عن النقود الماديّة. للشركات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وباقي الدول، فإنه من المهم البدء في التفكير في استراتيجية الدفع الغير النقدي وخيارات الدفع الإلكترونية والتي تعطيك ميزة زيادة المبيعات إلى الحد الأقصى وتحسين تجربة المستخدم.

المصادر:
https://www.scientificamerican.com/article/dirty-money